خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مِحنة «السفير».. أو كيف «تموت» الصحافة الورقية؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
محمد خروب يندر ان ينعي المرء نفسه. يحدث أحياناً ان يكتُبَ «وصِيّته» او يستشعر دُنُوَ أَجَلِه، فيحاول جمع ما تبعثر في مسيرته, ولمْلَمة ما استحال عليه, ذات يوم او ذات«مرحلة» أن يَجْمَعَه، فيهمِس لهذا او يوصي ذاك. يطلب المُسامِحة من آخر, ويُطيِّب خاطر من اغضبه او ظن انه ظَلَمَه, لكن في عالمنا, ثمة من يموت دون صَخب ويغادر الحياة بهدوء على نحو يصدُمَ معارِفه الذين يظنون ان «صاحِبَهم» اختار العزلة وآثر الصمت, لكنه الموت الذي يتربص بنا في الطرقات وقرب الأَسِرَّة وعلى مفترق الشوارع والأزقة, وسقوط الطائرات والحروب.. الأهلية منها وتلك التي بالوكالة, وغيرها مما تَبْرَع الغرف الاستخبارية السوداء, في التخطيط لها وانتظار اللحظة المناسبة لتفجيرها، فإذا بها تأكل الاخضر واليابس وتترك الارض يباباً والسكان تحت رحمة اللجوء والجوع, وتجّار الحروب وشركات المقاولات, تنتظر – كالعادة – إعادة الإعمار, فيما تنتعش شركات السلاح وسماسرة التسليح وأساطين الصفقات القذرة.

في عالم «الصحافة».. الأمر مختلف، وإن كانت مُتشابِهة في «السيرورة» والنهايات, حيث «الموت» بالمعنى الاجرائي و المعنوي على حد سواء، ينتظر الصحافة الورقية او يتربّص بها, وبخاصة في ايامنا هذه..على مستوى العالم, و في بلاد العرب التي تبدو فيها الصحافة, بأجناسها المُختلفة... منبوذة او مشكوكاً في ولائها, او يُنظر اليها بعين الريبة والتوجّس, حتى في ظل قوانين الطوارئ وتلك المُسمّاة «قوانين الإعلام» التي يَتفنّن اعداء الصحافة.. في «خياطها», عبر البحث عن كل ما يُكَبِلها ويُفزِع ناسها ويُثير الشكوك في دواخلهم, والأهم في زرع الرقيب «الذاتي» داخل صدورهم، حتى يكاد الواحد منهم ان يُدقّق في كل كلمة يكتبها, رأياً او خبراً او تحقيقاً او حتى مجرد «حكاية» ذات بُعد رمزي, خِشية أن يتم تأويلها, وبالتالي وَضْعه في دائرة الاتهام والتنكيل والتجويع.

ليس ثمة دولة عربية مُعيّنة يمكن الاشارة اليها في هذا الشأن, فالكُل في الهم شرق وغرب (غربٌ «عربي» بالطبع) ما يعني ان الأزمة التي تعيشها الصحافة العربية, حتى قبل «اندلاع» ثورة التكنولوجيا الزاحفة وما باتت عليه وسائل التواصل من انتشار وتوسع افقي وعامودي، كانت «الأزمة» خطيرة وشاملة, سواء في ما خص الحُرِّيات والافق «المُغلق» أمامها, كي تلتزم الحقيقة وتُحافِظ على ابسط واجباتها, في نقل الحقيقة الى القارئ/ المواطن, او الكشف عن مكامن الفساد او التأشير على التقصير, او الدعوة بإلحاح على تفعيل قوانين المساءلة والمحاسبة, في ظل البدهية التي تقول: ان «المسؤول» هو في النهاية «موظَّف» لدى الشعب يأخذ راتبه من جيوبهم كدافعي ضرائب, وبالتالي فإن صلاحياته مُقيّدة بهذا «السِوار» الديمقراطي والقانوني والاخلاقي، كذلك فإن الصحافة, دوراً ووظيفة ومهمة، هي في النهاية وسيلة يُمكِن للمسؤول, اياً كان موقعه او صلاحياته, ان يعرف من خلالها, ما يجري في بلاده وما يمكن ان يساعده في اتخاذ القرار, تجنباً لِخسارة مستقبله السياسي او الوظيفي.

ما علينا..

جريدة السفير اللبنانية «ابنة 42 عاماً».. تستعد لِطيّ «صفحاتها» على نحو نهائي، في الاول من الشهر الجديد للعام الوشيك، بعد ان فشلت كل محاولات «إنعاشها», ورغم بقائها في غرفة العناية المُركَّزة والحثيثة، طوال سبعة اشهر, عندما كانت اعلنت في نيسان الماضي انها على وشك الاغلاق، فإذا بالمناشدات (وهل بالمناشدات او الأناشيد وحدها... تحيا الصحف؟) تدفع «ناشِرَها» للاستمرار, ظناً منه ان المَدّد «الإستثماري» سيأتي, وبالتالي يُمكِنه تجنُّب تجرّع الكأس المرة, إلاّ ان الامر»مُختلِف» في بلاد العرب, التي تُهدِر المليارات في استثمارات خاسِرة وتُبدِّد الخيرات على الملذات, دع عنك الحروب البينية والخلافات المفتعلة والعداوات التقليدية وسياسة المناكفات الثأرِيّة, وتصفية الحسابات وغيرها ممن لم يُفلح عرب اليوم, من تجاوز ما كان الأباء والأجداد, قد كرَّسوه.. ثقافة راسخة, في «فلوكلور» العداوات العربية التي... لا تنتهي.

قد يتحدث البعض عن «حتمية» اختفاء الصحافة الورقية, بعد ان لم يعد ثمة حاجة ماسّة لها, وبعد ان اجتاحت التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي كل ما لا يخطر على بال احد، ممن ما يزالون تحت تأثير»إرث» ثقافة فنجان قهوة الصباح المترافق مع تصفُّح «الجرايد» وشم رائحة «الحبر» الذي لم يجِّف بعد, وصياح الباعة عن آخر الاخبار المثيرة, في عالم السياسة والفن والإجتماع.

إلاّ ان ذلك كله, على وجاهتِه, لا يُلغي وربما لن يلغي الحاجة الى الصحافة الورقية, التي ما تزال «تزدهر» في بلاد غير بلادنا وإن كانت ارقام التوزيع والدخل الاعلاني الذي هو «نسغ» حياة الصحافة الورقية، في تراجُع، غير انها ليست في طريقها الى الموت السريع, ما يعني ان تجديد وتَجَدُّد الصحف الورقية, يمكن ان يبعث فيها القوة, لتُواصِل «حياتها» وإن بصعوبة، لا بد ان تكون مسؤولية الحكومات في الحؤول دون اختفائها على هذا النحو المُخيف والخطير.

قد يسخَر آخرون او يتساءل غيرهم, عن مدى مسؤولية الحكومات في هذا الشأن،؟ حيث هي (قد يُحاجِجون).. مسؤولية إدارات الصحف وربما سياسة «التحرير» التي تتبناها والمواقف التي تُدافع عنها او تنحاز اليها تلك الإدارات، لكن الصحافة الورقية, في النهاية, جزء من «تراث» الدولة, اي دولة, والتساهل او التسريع في اندثاره، سيكون مردوده سيئاً على المشهد الوطني, لأي دولة.. او هكذا نظن.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF